أفضل أعمال ٢٠٢١

هنا أفضل الأعمال التي شاهدتها من انتاج العام 2021، وهي خمسة.

تجدون تقييمي لكل فيلم بعد اسمه:

The French Dispatch - Wes Anderson - US

(9/10) 

يحكي الفيلم عدة قصص كتبها مراسلي "الإرسالية الفرنسية" من بلدة فرنسية مُتخَّيلة. حيث تمهد الافتتاحية الطريق للقصص القادمة من خلال وصف لأجواء المدينة وأهم معالمها.

 

تحكي القصة الأولى اشتهار رسام مسجون من جدران السجن إلى أهم معارض العالم. حيث تسرد أحداث من طفولته، وأيام سجنه، أسلوبه وملهمة أعماله، ومحاولات تاجر أعمال فنية استغلاله. وفي القصة الثانية نشهد ولادة البطل الثوري الذي يقود احتجاجات طلابية. نتابع نضاله وقصة حبه في المنزل والحرم الجامعي والشارع. وأخيراً تقودنا القصة الثالثة في أحد مغامرات فريق الشرطة المتمكن لحل جريمة معقدة بمساعدة طباخ الشرطة!

 

تحولت البلدة الفرنسية في هذه الجريدة/الفيلم لمنارة تغيير فني وسياسي واجتماعي. وذلك من خلال وصف الكتّاب الخلاّق لها وللأحداث فيها، حيث جمعوا جمال السرد، وإثارة القصة، ومكانتها التاريخية. كذلك، بالرغم من تشابه الأحداث مع غيرها عالمياً، إلا أنها كانت خاصة. فلكل واحد من المراسلين نصيبٌ من القصة: فالأولى كانت في علاقة مع الرسام، والثانية شهِدت الأحداث الثورية، والثالث شارك في المغامرة الليلية. لتصبح القصص محلية جداً وشخصية جداً.

وهذا ما أراده مؤسس الجريدة: أن يوفر المساحة لكتاب محليين للكتابة الشخصية. لينقل كل ما كتبوه للعالم من منظورهم. في دفاع عن المحلية وشخصية الكاتب ضد التنميط ومجاراة الموضة.

 

تخيل أن تتحول قصص جريدتك الأسبوعية المفضلة لعملٍ سينمائي. فبعد أن أخذتك الجريدة من غرفتك إلى كل العالم، يقوم الفيلم بهذه الوظيفة: أن ترى من مكانك الدنيا وما فيها من مغامرات، عالماً مختلفاً عن واقعك؛ عالمُ ساحِر!

 

وإنْ احتفى هذا الفيلم بهذا النوع الصحفي، فإنه احتفى بنفسه كذلك: برؤية ويس أندرسون السينمائية. فبعد تسعة أعمال سابقة، يصل أندرسون لقمة نضجه السينمائي بهذه العاشرة.

الإرسالية الفرنسية: من فرنسا إلى أمريكا، إلى كل العالم... ثم إلى قلب كل قارئ/مشاهد.


The Tragedy of Macbeth - Joel Coen - US

(8.5/10) 

يظن ماكبث أن نبوءة مُلكه ستتحقق بجريمة قتل بسيطة، وأن الروح عقبة يمكن تجاوزها بسهولة. لكنه يتفاجأ باستحالة ذلك، وأن جزاء فعلت أسرع مما يظن.

فبعد قتل ماكبث لملك سكوتلاندا، تتحول حياة الزوج ماكبث لجحيم، حيث يغرقان في سلسلة دم لا تنتهي. وتتوالى الأحداث على ماكبث ليصل حد الجنون؛ فلا ينام أبداً ولا يهنأ أبداً ولا يتوقف عن القتل أبداً. فما أصاب الزوج (مرضٌ متجاوزُ للطب) كما قالها طبيبهم الخاص. فهو مرض الضمير والقلب، ولا علاج لذلك!

هكذا نرى ماكبث في تجسيد جديد لمأساته، بانفراد جويل كوين بالكتابة والاخراج لأول مرة بعيداً عن أخيه ايثان. يختار كوين أن يقف في منتصف الطريق بين السينما والمسرح في المشاهد وتصميم الإنتاج. ليأخذ من إمكانات السينما في بعض المشاهد مثل اختيار الأسود والأبيض للتصوير. لما لهما من قدرة على لفت الانتباه عند تغييرهما. وتثبيت حركة الزمن، فبعد حوالي الخمسة قرون ما يزال جُرم ماكبث عظيم، ومصيره أعظم. ومن ناحية أخرى استخدام اللقطات القريبة التي تركيز على تعابير الممثلين وتلتقط تفاصيلها.
كما أخذ من إمكانات المسرح في بعض المشاهد مثل النص القوي، وأساليب الحركة والتعبير الحرة للممثلين. والديكور المصمم بعناية وبساطة المسرح.
بكل ذلك، يذكّرك كوين، باستمرار، بأصل العمل المسرحي، وقدرة السينما على الإضافة عليه.

.

أما  Denzel Whashingtonفقامة لوحده، فقد أبدع في تجسيد تقلبات ماكبث. ابتداءاً بثقته بخطته، مروراً بندمه وتخبطه، حتى حالات جنونه وتكبره. ولم يكن أفضل من Frances McDormand  لتشاركه أحد أهم أدوارها بقدرة عالية حتى لحظات جنونها الأخيرة.


Ballad of A White Cow - Maryam Moghadam & Behtash Sanaeeha - Iran

(8.25/10)  

 

يحكي الفيلم قصة معاناة "مينا"، بعد اعدام زوجها خطأً في قضية قتل. تتحمل مينا تبعات هذه الحادثة نفسياً وجسدياً واجتماعياً، في البيت والعمل والشارع. حيث عليها توفير معاشها وابنتها، وتحمُّل مضايقات أهل زوجها وجيرانها. أثناء ذلك، يدخل حياتها رجلٌ يدّعي مساعدتها، ومن هناك تتحرك حياتها نحو مسارات غير متوقعة.

 

أن تكون امرأة، يعني أن تُكابد مينا ضعف المعاناة. فبعد اجتهادها لتُوزان وضعها الاقتصادي والاجتماعي، تتفاجأ بضربة جديدة من القضاء بتبريره لخطأ الاعدام. ثم تأتي القاصمة من الرجل الذي استغل جهلها بهويته.

 

يُطل باستمرار سؤال "هل يمكن تعويض خسارة الروح؟" ونحن نشهد تحسُّن حياة مينا بعد كل ما عانته. ويُواجه بسؤال "كم على الانسان أن يخسر حتى يكفر خطأه؟" ونحن نشهد خسارة الرجل لحياته بالتدريج. لتجيبنا الأحداث على السؤال الأول بـ"لا " صريحة، وعلى الثاني "عليه أن يخسر الكثير، دون جدوى...".

 

في أنشودة البقرة البيضاء ذُبحت البقرة حقيقةً في البداية، ثم مجازاً في النهاية...

 

تجلّت مريم مقدم في هذا العمل كتابةً واخراجاً وتمثيلاً. 


Spencer - Steven Knight & Pablo Larran - UK
(8/10) 

يحكي الفيلم حالة عدم التأقلم التي مرّت بها الأميرة ديانا أثناء إجازة ليلة الميلاد بصحبة العائلة المالكة. حيث على الجميع الالتزام بالتقاليد والمراسم الملكية.

كل المراسم آلية في دقتها وبرودها، ابتداءاً بترتيبات الطعام مروراً بكيفية ارتداء الملابس وليس انتهاءاً بحدود الحركة. وهو عكس شخصيتها الحرة والعفوية والمغامِرة، فهي تريد أكل ما شاءت، وارتداء ما تفضل والاحتفال مع أطفالها والتحرك متى وأينما شاءت.

يظهر في هذه الأيام الثلاثة عدم تأقلمها تدريجياً. فما هو معتاداً للجميع؛ ظهر بأنه قيد على ديانا، حتى في وقت فراغها وعزلتها. حيث عاشت بين ما تريد ديانا سبينسر، وما يجب على الأميرة ديانا فعله.

وبعيداً عن الدقة التاريخية للأحداث، فهي أسطورة منسوجة من أطراف الحقيقة، فقد عرض الفيلم المخاض العسير وجودياً لـ"شخصية" ديانا، للخروج من هذه الحالة. حيث كادت تفقد هويتها في طريقها للـ"حرية".

أجادت Kristen Stewart الدور الصعب للأميرة ديانا، وهو ما لم أستغربه بعد أدائها المميز في Clouds of Sils Maria 2014. وصعوبة ما قامت به أنها لم تحتاج للكثير من العمل الخارجي لتشبه ديانا شكلاً، بقدر ما احتاجت أن تفهم شخصية كهذه وجودياً، ومنها تسير بها لمناطق هشَّة وخطيرة، وقد سارت وتجلّت.

شكَّل السينماتوغرافي والموسيقى فريقاً منسجماً مع أداء كريستين. ففي التصوير كان لعدم دقة/تشويش الفيلم الذي تم اختياره من جهة وحركة الكاميرا المضطربة واللقطات القريبة من وجه ديانا من جهة أخرى دوراً كبيراً في تعزيز حالة عدم الوضوح والاضطراب التي عانتها. أما الموسيقى فكانت تتسارع تدريجياً مع كل تعقُّد كل موقف تواجه فيه ديانا خيار ما تريد وما يجب عليها، وكأنها انعكاس مباشر لما يحدث داخلها.


What We See When We Look At The Sky? - Alexandre Koberidze - Georgia

(8/10)

في هذا الفيلم تتابع الكاميرا أحداث الحياة اليومية في بلدة كوتايسي النهرية. إلى أن تقع على رجل وامرأة يلتقيان بالصدفة وتبدأ معهما قصة حب جديدة. وفجأة تنتهي هذه القصة قبل بدايتها، وهي التي هيأنا أنفسنا لمتابعتها لآخر الفيلم. نهاية غريبة في حدوثها عن جو البلدة الرتيب، وروتينية الحياة.

من هنا تبدأ مغامرة جديدة للاثنين، وكأن حياتهم قد بدأت بنهاية قصة حبهم، فندخل معهم في رحلة طويلة من اكتشاف الناس والحياة في البلدة. هنا تصرف الكاميرا نظرها عن الاثنين، ويضيعان وسط الناس. فالسحر فيها لا يقف عندهما.

نرى عدة أحداث: فهنا مهتمون بمشاهدة كأس العالم، وهناك أطفال يلعبون كرة القدم، وهنا فريق اخراج يعد لفيلهم القادم، ووسط هذا وذاك نجد الاثنين من جديد، ولكن هذه المرة في ظروف جديدة بالكامل.

هكذا إذاً، برغم روتينية الحياة إلا أن السحر موجود فيها. نراه فقط إن أعرنا تفاصيلها اهتماماً. فما يبدو عابراً، قد يتجلَّى في أغرب وأجمل قصة حب عرفها الزمن. وقد تتغير الوجوه والظروف ويبقى الحب كما هو.

بهذا العمل يقدم Alexandre Koberidze اسمه في عالم السينما البطيئة، بأسلوبٍ يخصه، فيه شيٌ من بساطة وتأمل وشاعرية العظيم عباس كياروستامي

أنظر للسماء مجدداً، ما الذي تراه الآن؟